مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة الثانية [الدليل على جواز بيع المعاطاة]

صفحة 1834 - الجزء 3

  على أنه هل يشترط في صحة البيع لفظ مخصوص أم لا؟ فالأولون يشترطون ذلك، واحتجوا بوجوه:

  أحدها: قوله تعالى: {وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ}⁣[البقرة: ٢٨٢] والمبايعة مفاعلة من الطرفين. وأجيب بأن اقتضائها المفاعلة لا يدل على اعتبار لفظين من المتبايعين، وإنما يدل على اعتبار الرضا منهما؛ لأن الرضا مأخوذ في مفهوم البيع.

  الثاني: أن في اشتراط اللفظ بُعْدٌ عما نهي عنه من بيع الملامسة، والمنابذة، ورمي الحصاة. وأجيب بأنه لم ينه عنها لعدم اللفظ المخصوص، بل لعدم دلالتها على الرضا الذي هو مناط البيع، المدلول عليه بقوله تعالى: {تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ}⁣[النساء: ٢٩] وقوله ÷: «إنما البيع عن تراض» بل ربما أنهم كانوا يحكمون بنفوذ البيع بها مع علمهم بعدم الرضا.

  الثالث: ما ذكره النجري، وهو أنه لما كانت المعاملة بين العباد والتزام الحقوق فيما بينهم، وإسقاطها أمراً مبنياً على فعل قلبي، وهو طيبة النفس، ورضاء القلب. كما نبه عليه الشارع، وكان ذلك أمراً خفياً أقام الشرع القول المعبر عما في النفس مقامه، وناط به الأحكام، على ما اعتيد من إقامة الأمور الظاهرة المنضبطة مقام الحكم الخفية، وتعليق الأحكام بها. وأجيب بأن إقامة القول عما في النفس مقامه لا يقتضي تعيينه، ولم نجد نصاً من الشارع على أنه لا يكون التعيين إلا بالقول، بل الظاهر من نصوصه اعتبار ما يدل على الرضا، سواء