تفسير قوله تعالى: {أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى فما ربحت تجارتهم وما كانوا مهتدين 16}
  كان ذلك الدال لفظاً أو غيره، وظاهر إطلاقات الشارع في البيع والشراء أنه باق على الاستعمال اللغوي، إلا ما خصه دليل. كالمنابذة ونحوها؛ ولو سلم اعتبار القول وتعيينه، فمن أين لكم اشتراط كون ذلك القول لفظين ماضيين مضافين إلى النفس؟.
  الرابع: ما ذكره في الروض النضير، وهو أن البيع ليس مجرد الرضا بالمبادلة، وإلا لما كان ثمة فرق بينه وبين سائر الإنشاءات، وقد ثبت كونها أنواعاً متباينة كالبيع، والإجارة، والرهن، والهبة، والصدقة على عوض، والصلح بالمال، ولكل منها ماهية تخصه، والرضا المقترن بالمعاوضة جنس شامل لجميع تلك الصور، فلابد من معرفة كونه بيعاً من هبة، ونحو ذلك، من بيان كل منها باسم يخصه، وليس إلا القول المترجم عما في النفس، وإلا كان رجوعاً بالبيان إلى غير ما جعل الله أمره إليه.
  والجواب: أما قوله: ليس البيع مجرد الرضا، فغير مسلم، بل هو الرضا نفسه، كما تدل عليه نصوص الشارع؛ لكن لما كان خفياً احتجنا إلى ما يدل عليه من القرائن؛ وهذا الذي يفيده كلام هذا المستدل.
  وأما قوله: وإلا لما كان ثمة فرق بينه وبين سائر الإنشاءات فنقول: الفرق بينه وبينها يحصل بما يصحبها من القرائن، وتقدم السوم، والطلب، ونحو ذلك مما لا يخفى معه المراد من الفعل، ونحن نلتزم أنه لا بد من قرينة تدل على الرضا، وعلى تعيين المراد من هذه