مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {ولو شاء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم إن الله على كل شيء قدير 20}

صفحة 1868 - الجزء 3

  والجواب: أن الاستعمال لا يدل على الحقيقة؛ لأن اللفظ قد يستعمل في غير ما وضع الله مجازاً، ولو كان الاستعمال يدل على الحقيقة لوجب أن لا يوجب المجاز؛ على أن حمله على المجاز في أحدهما أولى من الاشتراك؛ لما تقرر من أن المجاز أولى منه. وأما القياس على اللون ففاسد؛ لوجود الفارق؛ إذ هو يطلق عليها بالاشتراك، كما يطلق الحيوان على الإنسان، والفرس، وغيرهما.

  الوجه الثاني: قالوا: لو وضع للعموم لفظ لوجب أن نعلمه ضرورة عند الإدراك، كما نعلم قولنا: خبز وماء أنه موضوع لهذين الجنسين.

  والجواب: أن الإدراك يتعلق بأخص الوصف. لا بالمواضعة، فلا يجب إذا وضع لفظ الأمر أن نعلمه ضرورة بالإدراك؛ على أن قولهم هذا يقتضي أن لا تكون فائدة للفظ إلا وهي معلومة ضرورة، والمعلوم خلافه.

  فإن قيل: إذا لم يكن ذلك معلوماً ضرورة فلابد من طريق إليه، وهي إما المشافهة لأهل اللغة وهي مفقودة؛ لأنا لم نرهم، أو التواتر وهو باطل، وإلا لشاركناكم، أو الآحاد وهو لا يفيد.

  قيل: الطريق إليه موجودة وهي المشافهة لمن شاهدهم، والتواتر. أو الآحاد لمن تأخر عنهم، والآحاد إذا صحبها قرينة أفادت القطع، كما قلنا في الظواهر؛ على أنا لا نسلم اشتراط التواتر في مدلولات الألفاظ، وقد مر تحقيق هاتين القاعدتين في مسألة الأمر في سياق قوله، تعالى: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ٦}⁣[الفاتحة] وقد نص القرشي على أنها