تفسير قوله تعالى: {ولو شاء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم إن الله على كل شيء قدير 20}
  قيد؛ وأيضاً، ورد السمع به بدون تقييد، نحو ما مر، ونحو قوله تعالى: {قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ}[الأنعام: ١٩] وقوله: {وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ٢٨٢}[البقرة] وهو عالم بذاته قطعاً، فكان داخلاً في عموم الآية.
  وأجيب بأنه قد قام الدليل على أنه لا يطلق عليه إلا ما تضمن مدحاً، ولفظ شيء مطلقاً لا يفيد المدح، وإفادة كونه معلوماً لا يكفي في جواز الإطلاق؛ إذ ليس المصحح للإطلاق في الأسماء دلالتها على كون المسمى معلوماً، وإلا لجاز إجراء اللقب عليه؛ لأنه يفيد كون مسماه معلوماً، وهو ممنوع إجماعاً، ولا وجه لمنعه إلا أنه لا يتضمن مدحا؛ وأما عدم التقييد في الآيتين فلأن لفظ الشيء فيهما عام للأشياء المتشابهة، والشيءِ الذي لا كالأشياء، وكل لفظ عام لما هو مقيد في المعنى وما هو غير مقيد، إذا أتي به وأريد به العموم، فإنه لا يمكن ذكر القيد، وإن كان مقصوداً؛ لكنا نقول: هو مقيد في المعنى، وإذا كان مقيداً في المعنى بطل احتجاجكم به على جواز الإطلاق.
  قالوا: قد ثبت أن صحة المعنى وعدم المانع كافٍ في صحة الإطلاق فيما هو حقيقة، وقد مر حجتهم على ذلك في البسملة، وأما الإلزام بإجراء اللقب فوهم؛ لأنه لا يدل على معنى في المسمى، وإنما هو علامة للذات من حيث هو، لا بإزاء معنى فيها، ونحن نشترط في الإطلاق أن يدل الاسم على معنى(١) في الباري تعالى. كقادر وعالم، بأن يطلق عليه لأجل ذلك المعنى الذي فيه؛ والمعلوم أن وضع الألقاب
(١) ليس المراد بالمعنى العرض بل المفهوم. تمت مؤلف.