مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {ولو شاء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم إن الله على كل شيء قدير 20}

صفحة 1911 - الجزء 3

  الحجة الرابعة: أنه لو صح ذلك لصح أن يريد أحدهما وجوده في محل، ويريد الآخر وجوده في محل آخر، فإن وجد مرادهما معاً لزم حلول الذات الواحدة في محلين، وهو محال، وإما أن لا يوجد مرادهما معاً لزم خروجهما عن كونهما قادرين، وإما أن يوجد مراد أحدهما فقط فمن وجد مراده فذلك المراد مقدور له دون الآخر، فلم يكن مقدوراً لهما؛ وبهذا يعلم بطلان مقدور بين قادرين. وهذه الحجة مبنية على أن الحلول بالفاعل.

  احتج أهل القول الثاني بحجج:

  الأولى: أن مقدور العبد ممكن، والباري تعالى قادر على كل ممكن، فيجب أن يكون قادراً عليه؛ ويتأيد هذا الدليل بعموم الآية. وأجيب بأنا لا نسلم أنه ممكن إلا من جهة من تعلقت به قادريته، ويستحيل من غيره، والآية مخصوصة.

  الحجة الثانية: قالوا: لو حرك قادران جوهراً فإما أن يوجدا فيه حركتين، أو حركة واحدة.

  الأول باطل؛ الاستحالة اجتماع المثلين؛ سلمنا، فلا وجه لاختصاص أحدهما بإحدى الحركتين دون الأخرى، وحينئذ يجب أن يقال: كل واحدة منهما مستندة إلى كل واحد من القادرين، ففيه غرضنا؛ الأن كل واحدة منهما مقدورة لقادرين.

  والثاني: وهو أن يوجد فيه حركة واحدة لا تخلو: إما أن تستند إلى أحدهما، وهو باطل؛ إذ لا اختصاص له بإيجادها، وإما أن لا تستند