تفسير قوله تعالى: {ولو شاء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم إن الله على كل شيء قدير 20}
  مثاله: تعليل حاجة أفعالنا إلينا بالحدوث، فإن حاجتها إلينا لا تبطل، سواء عللنا أم لا؛ لأن الحاجة معلومة، ولكنا عللنا لفائدة زائدة في غيرنا، وهي قياس الأجسام المحدثة على أفعالنا في حاجتها إلى المحدث، ويحصل من ذلك إثبات الصانع.
  قلت: ومقتضى هذا وجوب هذا التعليل(١)، وإن كانت الفائدة في الغير؛ إلا أنا نقول: لا يجب إلا لولم نجد دليلاً على إثبات الصانع إلا هذا القياس.
  الطريقة الثالثة: ذكرها المتأخرون، وهي أن موجبات التعليل ثلاثة:
  أحدها: الثبوت بعد أن لم يكن، كثبوت وجود الذوات بعد عدمها، فإنه لابد من أمر أثر في الوجود.
  ثانيها: الحصول مع الجواز، كاحتراك المتحيز في حال كان يجوز أن يسكن فيها، فلا يجوز أن يكون لغير مؤثر.
  ثالثها: الافتراق بعد الاشتراك؛ كمسألتنا، فإن الحيين اشتركا في كونهما حيين، ثم صح من أحدهما ما تعذر على الآخر. قالوا: فهذه الأمور الثلاثة أي واحد منها حصل وجب تعليله. إذا عرفت هذا. فنقول: هذه المفارقة يجب تعليلها على كل واحدة من هذه الطرق:
  أما الأولى: فإنا عرضنا هذه المفارقة على وجوه التعليل، فوجدناها قابلة للتعليل بالمقتضي وهو كونه قادراً.
  وأما الثانية: فلأنه إذا لم يعلل بطل؛ لأنه إذا لم يكن في الصحيح
(١) قد نص بعضهم على وجوب التعليل فيما هذا حاله. تمت مؤلف.