مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {ولو شاء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم إن الله على كل شيء قدير 20}

صفحة 1928 - الجزء 3

  أمر يتميز به عن المريض لم يكن الفعل من الصحيح بأن يصح بأولى من المريض.

  وأما الثالثة: فالافتراق بعد الاشتراك. فإن الحيين لما اشتركا في كونهما حيين، ثم افترقا، فصح من أحدهما ما تعذر على الآخر. وجب أن يكون فيمن صح منه أمر، وإلا لما فارق المريض في ذلك. فثبت بما ذكرنا أن هذه المفارقة معللة. هذا، وأما الإمام المهدي فقال: إن وجوب تعليل المفارقة معلوم ضروة؛ وبيان ذلك أن الذي يعلم ضرورة افتقاره إلى العلة أمران:

  أحدهما: الحصول مع الجواز، فإنا نعلم ضرورة فيما حصل مع جواز أن لا يحصل أنه لابد من مؤثر لأجله حصل، وإلا لم يكن حصوله بأولى من أن لا يحصل. وقد أوضحنا هذا في الفاتحة في أدلة حدوث العالم.

  والثاني: افتراق الأمرين في حكم بعد اشتراكهما في الماهية التي يتميزان بها عن غير جنسهما، كافتراق الحيين في صحة الفعل من أحدهما دون الآخر، فإن اشتراكهما في المصحح للحكم وهو⁣(⁣١) كونهما حيين معاً يقتضي جواز ثبوت ذلك الحكم - وهو صحة الفعل - لكل منهما؛ فإذا علمنا ثبوته لأحدهما دون الآخر علمنا أنه لابد من أمر غير الأمر الذي اشتركا فيه، اختص به الذي ثبت له الحكم دون الآخر؛ وعِلْمُنَا بأنه لابد من مؤثر ضروري، وإن افتقر إلى أدنى تأمل


(١) أي المصحح. تمت مؤلف.