مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {ولو شاء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم إن الله على كل شيء قدير 20}

صفحة 1929 - الجزء 3

  ومراجعة النفس، فافتقاره إلى ذلك لا يخرجه عن كونه ضرورياً، فبعض الضروريات تفتقر إلى ذلك. هذا حاصل كلامه #، وقد ذكر نحوه السيد مانكديم، فإنه قال بعد أن استدل على التعليل: على أن هاهنا طريقة ملجئة إلى التعليل؛ لأن هذين الحيين إذا صح من أحدهما الفعل وتعذر على الآخر، مع استوائهما في باقي الصفات فلا بد أن يكون هناك أمر له ولمكانه صح من أحدهما الفعل، وتعذر على صاحبه، وإلا لم يكن هو بصحته أولى منه بالتعذر، ولا صاحبه بالتعذر أولى منه بالصحة، وليس ذلك الأمر إلا صفة راجعة إلى الجملة، وهو كونه قادراً.

  فإن قيل: لو ثبت أن المفارقة معللة فلا نسلم أنها معللة بأمر يرجع إلى الجملة، فلا يصح لكم قياس الغائب على الشاهد، وإلا فدلوا على ذلك.

  قيل: الذي يدل على ذلك أنه لو لم يكن راجعاً إلى الجملة فلا يخلو: إما أن يرجع إلى النفي، أو إلى الإثبات، الأول باطل؛ لأن النفي لا اختصاص له، فليس بأن يصح الفعل لأجله من الصحيح بأولى من يصح من المريض؛ لأنه معهما على سواء، ولأن صحة الفعل تتزايد من القادر، وتزايد الأثر يدل على تزايد المؤثر، والنفي لا تزايد فيه؛ فوجب أن يكون التعليل بأمر ثابت، وذلك الأمر لا يخلو: إما أن يخرج عن القادر وصفاته، أم لا، إن خرج عن ذلك. فليس إلا الفاعل. أو العلة، باطل أن يكون بالفاعل، ويعنون بذلك أنه باطل أن يكون أثر المؤثر إنما حصل بفعل فاعل آخر، كأن يكون صحة حصول الفعل