مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {ولو شاء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم إن الله على كل شيء قدير 20}

صفحة 1931 - الجزء 3

  أيضاً، وإلا لزم في كل واحد من الجواهر أن يكون قادراً، وأن لا يفترق الحال بين القادر والعاجز، وأن لا يخرج الجسم عن كونه قادراً ما دام موجوداً؛ لأن جواهره باقية، ويلزم أيضاً أن تكون الجملة بمنزلة أحياء قادرين ضم بعضهم إلى بعض، فكان يجب أن لا يحصل منها الفعل بداع واحد، ويلزم أيضاً أنه إذا دعا أحد الأجزاء الداعي إلى الفعل، وصرف الآخر عنه صارف أن يوجد ولا يوجد دفعة واحدة، وهو محال، ويلزم أيضاً أن يتأتى الفعل بكل جزء ابتداء حتى بشحمة الأذن، والمعلوم خلافه. فثبت أن المؤثر في صحة الفعل أمر يرجع إلى الجملة.

  فإن قيل: إذا ثبت ذلك. فما الدليل على أن ذلك الأمر هو كونه قادراً؟

  قيل: الدليل على ذلك أن الصفات الراجعة إلى الجملة عشر، وليس شيء منها يؤثر في صحة الفعل إلا كونه قادراً، بيان ذلك أن الصحيح والمريض قد يشتركان في جميع الصفات الراجعة إلى الجملة، خلا كونه قادراً، فيكونان حيين، عالمين، مريدين، كارهين، مشتهيين، نافرين، ظانين، ناظرين، مدركين، ويصح مع هذا الاشتراك من الصحيح ما لا يصح من المريض؛ فدل على أن المؤثر في ذلك صفة غير ما ذكرنا، وهو كونه قادراً⁣(⁣١)؛ إذ لا صفة ترجع إلى الجملة غير ذلك.

  فإن قيل: إذا ثبت في الشاهد كونه قادراً للمفارقة المذكورة، فمن أين ثبت لكم بذلك أن الباري تعالى قادر؟


(١) وهي الصفة العاشرة. تمت مؤلف.