المسألة السابعة [وجوب النظر]
  قالوا: لا تجب علينا المعرفة على الإطلاق، لا في الدنيا ولا في الآخرة؛ لأنها من فعله تعالى فهي غير داخلة في التكليف، وحكي عنهم في سائر مسائل أصول الدين المتعلقة بالتوحيد، والعدل، والوعد، والوعيد مثل ذلك، هذا وبينهم في كونها ضرورية ضرب من الاختلاف، وسيأتي تحقيقه، ومن الخلاف في ذلك القول بجواز التقليد في المسألة، وكذلك القول بأن الظن كافٍ فيها، وسيأتي ذلك كله. واختلف القائلون بالوجوب في وجهه، فقال الإمام القاسم بن محمد، وحكاه الشرقي، وابن لقمان عن قدماء أهل البيت، وهو في البدر الساري عن عامة الآل: إن وجه وجوب المعرفة لأجل القيام بواجب شكره تعالى على نعمه، وهو قول أبي علي، ورواه في البدر الساري عن البغدادية، وتوضيح هذا الدليل أنه قد ثبت بالعقل وجوب شكر المنعم، وجهل المنعم سيلزم الإخلال بشكره؛ لأن توجيه الشكر إلى المنعم مترتب على معرفته ضرورة، والإخلال بالشكر قبيح عقلاً، فوجبت المعرفة لذلك، واعترضه السيد مانكديم بأن شكر الله لا يجب إلا بعد معرفته، ومعرفة أنه قصد وجه الإحسان، وشبه ذلك بمن اجتاز بحياض، أو نحوها فشرب من مائها فإنه لا يجب عليه أن يعرف بانيها ليشكره، بل إن عرف أنه قصد بها وجه الإحسان شكره، وإلا فلا، فكذلك في هذه المسألة إن عرف الله وعرف أنه قصد بهذه المنافع الإحسان شكره، وإلا فلا.
  قال القرشي: وإن وجب الشكر أمكن تأديته مشروطاً وإن لم تحصل معرفته، وقال السيد مانكديم، والإمام المهدي: بل إنما وجبت المعرفة