تفسير قوله تعالى: {يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون 21 الذي جعل لكم الأرض فراشا والسماء بناء وأنزل من السماء ماء فأخرج به من
  لكونها لطفاً، وهو قول سائر المعتزلة، ورجحه السيد العلامة محمد بن عز الدين المفتي، ورواه عن المؤيد بالله.
  وهذا الدليل مبني على أصلين:
  أحدهما: أن المعرفة لطف للمكلفين في القيام بما كلفوه.
  الثاني: أن تحصيل ما هو لطف بهذه الصفة واجب، أما الأصل الأول فيدل عليه أن اللطف ما يكون المكلف عنده أقرب إلى أداء الواجب، وترك القبيح، ومعرفة الله بهذه المثابة، فإن المعلوم أن المكلف إذا عرف أن له صانعاً إن أطاعه أثابه، وإن عصاه عاقبه كان أقرب إلى فعل ما كلف به.
  قال السيد مانكديم: واللطف عند التحقيق هو العلم باستحقاق الثواب والعقاب؛ لأنه هو الذي يدعو ويصرف، لكنه لما ترتب على العلم بالله بحيث لا يتم إلا به عد العلم بالله لطفاً، وحكى في الغياصة عن كثير من المعتزلة، والزيدية: أن اللطف في التحقيق هو العلم بالثواب والعقاب، ثم قال: والأولى أن يقال إن اللطف في الحقيقة ليس هو الثواب والعقاب، ولا العلم بهما، وإنما هو كون هذا الفعل أو هذ الترك مما يستحق بفعله أو تركه ثواباً أو عقاباً كما صرح به القرشي.
  قلت: الذي صرح به القرشي هو العلم ولفظه: اللطف في الحقيقة هو العلم بأن هذا الفعل مما يتحقق عليه الثواب والعقاب؛ لأنه الذي يدعو ويصرف.