المسألة السابعة [وجوب النظر]
تنبيه: [في وجه وجوب المعرفة وكونها لطفاً]
  ظاهر قول القائلين بأن وجه وجوب المعرفة كونها لطفاً للمكلفين فيما كلفوه العموم، وهو أنها لطف في كل تكليف عقلي، أو شرعي، وليسوا كذلك، وإنما تسامحوا في العبارة، وإلا فليس مرادهم إلا أنها لطف في التكاليف العقلية العملية فعلاً كقضاء الدين، وتركا كرد الوديعة، فأما التكاليف الشريعة فليست لطفاً فيها؛ لأن من حق اللطف أن يكون زائدا على التمكين والشرعيات لا يمكن تأديتها إلا بعد المعرفة، فإن من المعلوم أن عبادة من لا يعرف غير ممكنة، وكذلك ليست بلطف في التكاليف العقلية العلمية(١) كمسائل أصول الدين للوجه الذي(٢) ذكرنا (وقيل): بل العبارة على ظاهرها من العموم، وذلك أن للمكلف في معرفته تعالى حالتين:
  إحداهما: في ابتداء التكليف كأول علمه بالله تعالى، وما يلي ذلك إلى وقت إمكان الشرعيات، فاللطف في هذه الحال لا يكون إلا في التكاليف العقلية العملية.
  الحالة الثانية: ما بعد ذلك كالحالة التي يجدد فيها العبد المعرفة بالله بعد معرفة الشرعيات، وإمكان ذلك فالمعرفة المتجددة لطف في جميع التكاليف؛ لأن المكلف قد صار متمكناً من معرفة جميع التكاليف، فيصح إجراء العبارة على العموم نظراً إلى هذه الحال، وقد يقال اللطف في التحقيق العلم بالثواب والعقاب، أو باستحقاقهما كما مر،
(١) أي التي المطلوب فيها العلم من دون عمل تمت مؤلف.
(٢) وهو أنه لا يمكن تأديتها إلا مع المعرفة. تمت مؤلف.