تفسير قوله تعالى: {يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون 21 الذي جعل لكم الأرض فراشا والسماء بناء وأنزل من السماء ماء فأخرج به من
  وأما التفصيلي: فلا يحصل إلا دلالة، وهذا المذهب مال إليه الفقيه حميد أيضاً فيكون له قولان، وحكى الإمام يحيى عن الصوفية القول بأن المعرفة تحصل بالتصفية للنفس عن العلائق الجسدانية والهيئات البدنية، فمتى خلت عن هذه الأمور حصلت لها عقائد يقينية.
  واعلم: أنه قد مرَّ في الفاتحة ذكر الخلاف في هذا الموضع، إلا أنه غير مستوفى، ولا مدلول عليه بالدليل العام، فلهذا أعدنا ذكره، هنا.
  احتج الجمهور بوجوه:
  أحدها: أن هذه المعارف تحصل بحسب نظرنا على طريقة واحدة مستمرة، فيجب أن تكون متولدة عن النظر، وإذا كانت كذلك فالنظر من فعلنا، فيجب أن تكون المعارف من فعلنا؛ لأن فاعل السبب فاعل المسبب، وإذا كانت من فعلنا لم يجز أن تكون ضرورية؛ لأن الضروري هو ما يحصل فينا بغير اختيارنا.
  فإن قيل: فيلزمكم في اللون الحاصل عند الضرب أن يكون من فعلكم لحصوله بحسب فعلكم الذي هو الضرب.
  قيل: قد مرَّ الجواب عن هذا السؤال في الاستعاذة، وتحريره: أن هذا اللون ليس بحادث عن الضرب، وإنما هو لون الدم انزعج بالضرب؛ لأن الدم كان مستوراً بين أجزاء اللحم، فوقع بالضرب افتراق تلك الأجزاء فجرى الدم ورؤي من تحت البشرة العليا؛ لرقتها، ومما يدل على ذلك أنه لو ضرب الجماد، أو الجسم الثخين لما ظهر اللون مع احتمالهما للألوان.