تفسير قوله تعالى: {يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون 21 الذي جعل لكم الأرض فراشا والسماء بناء وأنزل من السماء ماء فأخرج به من
  وقال أبو طالب في الأمالي: أخبرنا العبدكي، ثنا ابن يزداد، ثنا الوليد بن أبي الوليد، ثنا أبو بكر بن العوام، ثنا إبراهيم بن عبد الحميد، عن جويبر، عن الضحاك عن ابن عباس قال رسول الله ÷: «خمس لا يعذر يجهلهن أحد معرفة الله أن تعرف الله ولا تشبهه بشيء، ومن شبه الله بشيء أو زعم أن الله يشبهه شيء فهو من المشركين، والحب في الله والبغض في الله، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، واجتناب الظلم» فهذه الأخبار كلها تدل دلالة صريحة على أن معرفة الله، ومعرفة صفاته ليست ضرورية؛ إذ لو كانت ضرورية لما حسن الأمر بالطلب وإيجابه، والحث عليه، والترغيب فيه، والاستفهام عن حصول المعرفة ووصف من لم يعرف الله بالجهل؛ لأنه لا معنى لذلك، ولا فائدة فيه؛ إذ الضروري لا يتوقف على شيء من جهتنا، ولا يكون لنا فيه اختيار.
  واعلم: أن هذه الأدلة السمعية كما دلت على أن المعارف ليست ضرورية فهي أيضا تدل على وجوب المعارف، وذلك واضح، فإن قيل: الاستدلال بالسمع في هذه المسألة لا يصح؛ لأن العلم بالسمع يتوقف على العلم بالله تعالى، ومعرفة ما يجب له، وما يستحيل عليه، فالجواب من وجوه:
  أحدها: أن ذلك من باب الاستظهار.
  الثاني: أنَّ مقتضى مذهب الخصم صحة الاستدلال بالسمع لأن صحة الاستدلال به لا تتوقف إلا على معرفة الله، وهي حاصلة