مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون 21 الذي جعل لكم الأرض فراشا والسماء بناء وأنزل من السماء ماء فأخرج به من

صفحة 2054 - الجزء 4

  لكل مكلف من ابتداء تكليفه؛ لأنها إذا كانت ضرورية فلا يتوقف حصولها على شيء. بل يجب فعلها في المكلف عند ابتداء تكليفه، وإلا لم يجز التكليف، وإذا كان مذهب الخصم يقتضي صحة الاستدلال به جاز أن يستدل عليه بما يلتزمه.

  الثالث: ذكره الإمام عز الدين وهو أن الاستدلال بالسمع ممكن لأنا متفقون نحن والخصم على حصول العلم بالله وبصفاته، وعدله وحكمته، وإنما وقع النزاع في أن حصول المعرفة من فعلنا، أو من فعله، ولا تتوقف صحة السمع على صحة واحد من القولين، ومن الأدلة على أن المعارف ليست ضرورية قول علي # بعد أن ذكر آدم #: (واصطفى من ولده أنبياء أخذ على الوحي ميثاقهم، وعلى تبليغ الرسالة أمانتهم لما بدل أكثر خلقه عهد الله إليهم فجهلوا حقه واتخذوا الأنداد معه، واجتالتهم الشياطين عن معرفته، واقتطعتهم عن عبادته، فبعث فيهم رسله، وواتر إليهم أنبياءه ليستأدوهم ميثاق فطرته، ويذكروهم منسي نعمته، ويحتجوا عليهم بالتبليغ، ويثيروا لهم دفائن العقول، ويروهم الآيات المقدرة من سقفٍ فوقهم مرفوع، ومهادٍ تحتهم موضوع، ومعايش تحييهم، وأجال تفنيهم، وأوصاب تهرمهم، وأحداث تتابع عليهم). رواه في النهج.

  فهذا نص في أن معرفة الله ليست ضرورية إذ لو كانت ضرورية لما اتخذوا الأنداد شركاء له جل وعلا؛ إذ لا يعتقد جواز الشريك له تعالى في الإلهية إلا من جهله، ولم يعرفه حق معرفتة، والضروري لا ينتفي بشك ولا شبهة، وأيضاً لو كانت ضرورية لما أمكن الشياطين