مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون 21 الذي جعل لكم الأرض فراشا والسماء بناء وأنزل من السماء ماء فأخرج به من

صفحة 2055 - الجزء 4

  اجتيال العباد عنها. ولما كان لبعث الرسل ليدلوهم على النظر ويبينوا لهم طرقه فائدة، بل يكون عبثاً، قوله: اجتالتهم بالجيم: أي أدارتهم وصرفتهم تارة هكذا، وتارة هكذا، وواتر إليهم أنبياءه: أي جعل بين كل نبيين فترة، وقيل: ردفهم وتابعهم، والأوصاب: الأمراض.

  ومن كلامه #: (الحمد لله الذي لا تدركه الشواهد ...) إلى أن قال: (الدال على قدمه بحدوث خلقه، وبحدوث خلقه على وجوده وباشتباههم على أن لا شبه له). رواه في النهج، وهو نص في أنَّا لا نعرف قدمه ووجوده إلا بحدوث خلقه، ولا ننفي عنه مشابهة الخلق إلا باشتباههم، وهذا هو معنى النظر، وقد نص # على أنه تعالى جعل حدوث الخلق واشتباههم دليلا لنا، والدليل لا يحصل منه العلم بالمدلول إلا بالنظر، وكلامه # في هذا المعنى كثير، وقد تضمن كتابنا هذا كثيرا منه.

  احتج أهل المعارف بوجوه:

  الوجه الأول: أنه لو كان العلم بالله تعالى نظرياً لجاز أن يختار أحدنا الجهل في الحالة الثانية من النظر؛ إذ من حق القادر على الشيء أن يكون قادرا على جنس ضده إذا كان له ضد، كما في مشي يمنةٍ ويسرةٍ، والمعلوم أنه لا يقدر على اختيار الجهل في ثاني حال من أحوال النظر، وليس ذلك إلا لكون المعرفة ليست من فعلنا، وإذا لم تكن من فعلنا كانت ضرورية.

  والجواب من ثلاث جهات:

  أحدها: أنا نعارضهم بسائر الأنظار في المسائل الشرعية؛