تفسير قوله تعالى: {يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون 21 الذي جعل لكم الأرض فراشا والسماء بناء وأنزل من السماء ماء فأخرج به من
  أن العالم لا يدعوه الداعي إلى اختيار الجهل من دون شبهة ترد عليه، فلا يختاره مع عدم الشبهة لعدم الداعي، والحصول الداعي إلى سكون النفس لما فيه من الاسترواح، فأما أن يخرج القادر عن صحة فعل الجهل وعن قادريته عليه فلا، وإذا كان قادرا غير ممنوع صح منه فعله.
  قال #: إذا عرفت هذا فالأولى أن يقال: أما في الوقت الثاني من وجود النظر فلا يصح اختيار الجهل لما تقدم، ولعل أبا علي لا يخالف في ذلك، وأما من بعد ذلك وعند فعله للعلم ابتداءً غير موجب عن نظر، فيصح مطلقاً سواء وردت شبهة أو لم ترد، هذا من جهة القدرة، وإن لم تقع فلفقد الدواعي. والله أعلم.
  الوجه الثاني: لأهل المعارف قالوا: لا يصح دخوله تحت التكليف؛ لأن المكلف إذا لم يعلم أن نظره صحيح مؤدَّ إلى العلم لم يجز منه الإقدام عليه؛ إذ لا يأمن أن يوقعه في خطر عظيم، ولأن الإقدام عليه والحال هذه كالإقدام على الجهل المطلق، والإقدام على الجهل، وما لا يؤمن قبحه قبيح، والتكليف بالقبيح لا يجوز؛ فثبت أن النظر لا يصح أن يكون طريقاً إلى معرفة الله، وإذا لم يصح تعين أنه معلوم بالضرورة؛ إذ لا واسطة تصح المعرفة بها.
  والجواب: أنا نعارضهم بالتكسب فنقول: قد تقرر في العقول حسن تحمل المشقة لطلب الربح، مع أن المسافر لا يعلم ما يهجم عليه من نفع أو ضر، فما أجابوا به فهو جوابنا؛ ثم إنا لا نسلم أنا غير آمنين من الوقوع في الخطر، بل نحن آمنون من ذلك بدليل أن العقلاء