تفسير قوله تعالى: {يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون 21 الذي جعل لكم الأرض فراشا والسماء بناء وأنزل من السماء ماء فأخرج به من
  فثبت أن التكليف بالمعرفة لا يحسن، إما لأنه من التكليف بما لا يعلم، أو من طلب تحصيل الحاصل.
  والجواب من وجوه:
  أحدها: المعارضة بما عدا المعارف الإلهية من العلوم النظرية، فما أجابوا به فهو الجواب.
  الثاني: ذكره ابن الملاحمي وهو أنه لا يعتبر في العلم بما كلفنا إلا معرفة جنس ذلك المكلف به، وأنه مقدور لنا، ولا يعتبر معرفة عينه وأنه مقدور لنا، ونحن نعلم أن العلم جنس(١) متميز عن غيره من الأجناس مقدور لنا يحصل لنا معه سكون النفس، وهذا كافٍ.
  الثالث: أنه يعلم ماهية المعرفة تصوراً وإن كانت معدومة، وهو مكلف بتلك الماهية المتصورة في ذهنه.
  الرابع: ذكره الغزالي وهو أن المكلف لا يكلف بمعرفة الله حتى يحصل له أولاً معرفة، ثم يكلف بالمعرفة بعدها، فأما أول الأمر فلا يكلف إلا بالنظر.
  قلت: وفيه نظر؛ لأنه إن أراد بالمعرفة الأولى معرفة الله كان تكليفه بطلبها ثانياً من طلب تحصيل الحاصل، وإن أراد معرفة غيرها، فلا دليل عليها.
  الخامس: وهو معتمد أصحابنا أن الواجب إذا كان له سبب يوجبه وعلم المكلف ذلك السبب صار كما لو علم المسبب؛ إذ المقصود
(١) من كونه عرضا غير الحركة ونحوها، تمت مؤلف.