تفسير قوله تعالى: {يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون 21 الذي جعل لكم الأرض فراشا والسماء بناء وأنزل من السماء ماء فأخرج به من
  الإتيان بالمسبب، وذلك ممكن إذا عرف سببه، وهذه المسألة من هذا القبيل؛ فإن النظر سبب في المعرفة وهو معلوم متميز لنا، فتكون معرفته قائمة مقام العلم بالمعرفة؛ لأن الإتيان بها مع معرفته ممكن كما يمكن إذا عرفناها نفسها.
  الوجه الرابع: أنه لا مشقة في المعرفة، بل يحصل بها الاسترواح لما فيها من الطمأنينة، وزوال الشك، ولا بد في المكلف به من المشقة، فكيف قلتم بأن المعرفة مكلف بها؟
  والجواب: أن المشقة في سببها وهو النظر. فإن قيل: إنما يتأتى هذا الجواب في العلم المسبب عن النظر، فأما الذي يجدده أحدنا حالاً بعد حال فلا سبب له حتى يقال: المشقة في سببه.
  قيل: المشقة حاصلة فيما يتصل به، وهو توطين النفس على دفع ما يرد عليه من الشبه.
  الوجه الخامس: قالوا: كيف يجب العلم بوجوب المعرفة ونحن لا نعلم بصفة من أوجبها؟
  والجواب: أن وجوبها ليس شرعياً حتى يرد هذا السؤال، وإنما علم وجوبها بالعقل والسمع مؤكد كما مر، والعقليات تجب لوجوه تقع عليها، فلا تحتاج إلى العلم بالموجب.
  الوجه السادس: قالوا: لو كلف بالمعرفة لنهي عن الجهل؛ لأن الأمر بالشيء نهي عن ضده، ولو عرف الجهل لعرف المجهول فيكون من تحصيل الحاصل، وتحقيقه أنه لو نهي عن الجهل فلا بد أن يعرفه