مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون 21 الذي جعل لكم الأرض فراشا والسماء بناء وأنزل من السماء ماء فأخرج به من

صفحة 2062 - الجزء 4

  وخوف الأولياء ليس كخوف الأنبياء. وخوف الأولياء ليس كخوف سائر الناس، فزيادة الخوف إنما هو لزيادة المعرفة، فلا يمتنع أن يزداد الخوف حتى ينتهي إلى رتبة العلم الضروري.

  قال الإمام عز الدين: وكلامه # لا يخلو عن نظر، فإنا نقطع باختلاف المكلفين في الخوف وإن كانت معارفهم مكتسبة، مع أنه لا معنى للتزايد فيها وهي مكتسبة، وكذلك فقد صرح باختلاف خوف الملائكة وغيرهم ممن يحكم أو يجوز أن معارفهم ضرورية، وأدلة الجمهور كما ترى من عدم القوة.

  قال #: (فالأولى أن يحكم بأنه لا مانع من حصول العلم الضروري للأنبياء والأولياء) ولا دليل على ثبوته لهم، وهذا هو تحصيل مذهب السيد المؤيد بالله. فإن الذي يحكي عنه أصحابنا جواز ذلك، وهو الصحيح، فأما الإمام يحيى فظاهر كلامه القطع بحصول ذلك لهم، ولا دليل عليه. ذكره في المعراج.

  وقد أبطل الجمهور تجويز كونها ضرورية في حق من ذكر بوجوه:

  أحدها: أن المعرفة لطف فلا يجوز أن يخص الله بها بعضاً دون بعض، بل كان يجب أن يفعلها في الجميع، ويقبح التكليف باكتسابها. قلت: وهذا ضعيف؛ لأن لهم أن يقولوا: المعرفة وإن كانت لطفاً فالألطاف تختلف باختلاف أحوال المكلفين، ولهذا قد يكون لطف بعضهم في الصحة، وبعضهم في السقم، فكذلك لا مانع من أن يكون الله تعالى قد علم أن لطف بعضهم في المعرفة الضرورية فجعلها لهم،