تفسير قوله تعالى: {يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون 21 الذي جعل لكم الأرض فراشا والسماء بناء وأنزل من السماء ماء فأخرج به من
  ذكر الشك، والشك ليس بمعنى، وأجيب بأنه لو حذف لم يحصل في الحد خلل، على أن بعض العلماء قد جعله معنى.
  قلت: ولأجل السلامة من هذين الاعتراضين حده بعضهم بأنه العلم الذي لا يمكن العالم به إخراج نفسه عن استمرار كونه عالماً بمعلومه، وقيل: هو العلم الذي لا يمكن العالم به نفيه عن النفس بوجه من الوجوه.
  قال السيد ما نكديم: وهذا صحيح، وقال ابن الملاحمي: الضروري علم لا يقف على استدلال العالم إذا كان يصح منه الاستدلال، واحترز بهذا القيد عن كونه جل وعلا عالماً.
  قال الإمام عز الدين: والذي يقابل الضروري المكتسب، وحقيقته العلم الحاصل فينا من قبل أنفسنا، وقيل: الذي يمكن العالم به إخراج نفسه عن العلم بما تناوله. وقال ابن الملاحمي: علم يقف على استدلال العالم به.
  واعلم: أن العلم الضروري ينقسم إلى ما يحصل فينا مبتدأ، وهو كالعلم بأحوال النفس من كوننا مريدين وكارهين، وما شاكل ذلك(١) وإلى ما يحصل فينا عن طريق، أو ما يجري مجراه.
  فالأول: كالعلم بالمدركات فإن الإدراك طريق إليها.
  والثاني: كالعلم بالحال مع العلم بالذات، فإن العلم بالذات أصل للعلم بالحال، ويجري مجرى الطريق إليه، والفرق بينهما إنما يحصل
(١) ومشتهين وتافرين وظانين ومعتقدين تمت مؤلف.