تفسير قوله تعالى: {يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون 21 الذي جعل لكم الأرض فراشا والسماء بناء وأنزل من السماء ماء فأخرج به من
  عن طريق يجوز أن يبقى مع عدم الطريق إليه، وما يحصل عما يجري مجرى الطريق لا يجوز فيه ذلك.
  قال السيد مانكديم: ولهذا يصح من الله تعالى أن يخلق فينا العلم بالمدركات من دون الإدراك، ولم يصح أن يخلق فينا العلم بالحال من دون العلم بالذات. ثم الحاصل فينا مبتدأ ينقسم إلى ما يعد في كمال العقل، وإلى ما لا يعد في كماله. والأول ينقسم إلى ما يستند إلى الخبرة، وإلى ما لا يستند إليها.
  فالأول: كالعلم بتعلق الفعل بفاعله، وما يتصل بذلك من أحكام الفعل من حسن وقبح وغيرهما.
  والثاني: كالعلم بأن الذات إما أن تكون موجودة، أو معدومة، والموجود إما قديم، أو محدث.
  قال السيد مانكديم: وأما المشاهدة فهي الإدراك بهذه الحواس، هذا في الأصل، وفي الأغلب أن ما يستعمل في الإدراك بحاسة البصر، قال هذا إذا كان مطلقاً، فأما إذا أضيف إلى العلم فقيل: علم المشاهدة فالمراد به العلم المستند إلى الإدراك بهذه الحواس، وفي الأغلب إنما يستعمل في العلم المستند إلى الإدراك بحاسة البصر فقط.
  وأما القسم الثاني: وهو ما لا يعد في كمال العقل، فذلك كالعلم بأن زيداً هو الذي شاهدناه من قبل، فإنه علم مبتدأ من جهة الله تعالى، ولا يعد من كمال العقل، ولهذا تختلف أحوال العقلاء فمنهم من يثبته(١) إذا شاهده، ومنهم من لا يثبته.
(١) أي يعرفه ويقطع بأنه المرئي من قبل، تمت مؤلف.