مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة السابعة [وجوب النظر]

صفحة 2079 - الجزء 4

  أنا أبو داود، ثنا سعيد الطالقاني، ثنا عبد الله بن المبارك، عن حميد، عن أنس قال رسول الله ÷: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله، وأن يستقبلوا قبلتنا، وأن يأكلوا ذبيحتنا، وأن يصلو منا صلاتنا، فإذا فعلوا ذلك حرمت علينا دماؤهم وأموالهم إلا بحقها لهم ما للمسلمين، وعليهم ما على المسلمين» والحديث في الجامع الصغير عن أبي هريرة بلفظ: (أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأني رسول الله فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله) وعزاه إلى البخاري، ومسلم، وأبي داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجة ثم قال: وهو متواتر، وهو نص في الاكتفاء بالتقليد؛ لأن النبي ÷ قبل منهم النطق بالشهادة، ولم يوجب عليهم النظر وتعلم الأدلة.

  والجواب: أن الحديث إنما دل على أنه لا يقاتلهم بعد إظهار الشهادتين والتمسك بالإسلام عملا بما يقتضيه الظاهر من إسلامهم؛ لأن الإكراه على العقيدة لا يتصور، وليس فيه أنه لا يجب عليهم النظر، وتعلم الأدلة كيف والكتاب والسنة، وكلام أمير المؤمنين مشحونة بالحث على النظر وذم تركه، بل لقائل أن يقول: هذا الحديث حجة على وجوب النظر لأنه أخبر فيه أن ما أظهروه لا ينفعهم إلا في الأحكام الدنيوية، وأما الأخروية فهي مبنية على مطابقة الظاهر والباطن، وذلك هو معنى إيجاب النظر؛ إذ تحصيل العلم في الباطن والجزم به لا يكون إلا مع النظر الصحيح، فتأمل، ولو كان التقليد كافياً لما قال وحسابهم على الله.