مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون 21 الذي جعل لكم الأرض فراشا والسماء بناء وأنزل من السماء ماء فأخرج به من

صفحة 2085 - الجزء 4

  ومبادئها، وهذا كافٍ في إحراز المعرفة في حقهم، فإذا علم أحدهم ما يحصل في العالم من أنواع الحوادث، والأمطار وأصناف الحيوانات، وأنواع الثمار، والنبات، وجري الشمس، والقمر، واختلاف الليل والنهار، وغير ذلك مما يعلم بالضرورة أنه لا بُدَّ لهذه الأمور من صانع مؤثر على القرب؛ لأن العلم بالصانع هو علم قريب يحصل بأدنى تأمل، وهكذا القول في سائر صفاته نحو القادرية، والعالمية، وما يجب له، ويستحيل عليه، فإن علمهم الجملي كافٍ في حقهم؛ لأن الخوض في تفاصيل هذه العلوم يتعذر تحصيله على أكثر الخلق.

  قلت: وهذه المرتبة لم يذكرها في التمهيد بل اقتصر فيه على أربع كما في المعراج، ويدل على مضمونها قول علي #: وهل يوجد بناء من غير بانٍ.

  المرتبة الرابعة: العلم بمقدمات النظر بحقيقة ذاته، وصفاته وحكمته، وصدق رسله على سبيل التفصيل، وأنه تعالى واحد لا شريك له، وهذه الحالة هي حالة العلماء والأفاضل الذين توصلوا بحقائق الأدلة، وأنوار البراهين، فحصلوا على انشراح الصدور، وطمأنينة النفوس، وهؤلاء هم قليلون لأن معرفتهم بهذه التفاصيل بالدلائل القطعية متوقفة على معرفة شروط البراهين، وكيفية ترتيبها، وهي صعبة وعسيرة، والزلل فيها كثير إلا على من وفقه الله تعالى.

  ثم ذكر # المرتبة الخامسة: وهي الوصول إلى معرفة الله وصفاته بالعلوم الضرورية، وقد ذكرنا هذه المرتبة، وما احتج به هو وغيره عليها في الموضع الثاني.