تفسير قوله تعالى: {يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون 21 الذي جعل لكم الأرض فراشا والسماء بناء وأنزل من السماء ماء فأخرج به من
  باتباعه فيما قد نظر فيه إذا كان قد علم كونه محقاً بدليل آخر، كما أمر علي # ولده الحسن بالاقتفاء بنظر سلفه، وقد مر كلامه # في المقدمة وشرحناه شرحاً نافعاً، وذكرنا أن المراد به فيما عدا إثبات الصانع، فراجعه فإنه ينفعك في هذه الأبحاث، والله الموفق.
  هذا وأما القائلون بالاكتفاء بالظن في معرفة الله تعالى فهم الإمامية، والبكرية وبعض أهل الحديث، ورواه في المعيار عن العنبري، ولعل حجتهم أن الظن كافٍ في الفروع، فكذلك يكفي في الأصول.
  والجواب: بالفرق وهو أنه دل الدليل على جواز العمل به في الفروع دون الأصول، ويؤيده أن الأصل تحريم العمل بالظن مطلقا كما قد يدل عليه قوله تعالى: {إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا}[النجم: ٢٨] ونحوه خصص من ذلك مسائل الفروع بدليل، وبقي في دلالته على تحريم العمل به في الأصول على أصله، وأيضاً التكليف بالظن إما أن يراد به الظن كيف كان، أو الظن المطابق لما في نفس الأمر، أو المطابق الأقوى الأمارات، إن أرادوا الأول لزم إصابة من ينفي الصانع وينكر النبوات، وإن قالوا بالثاني قلنا: كيف يعلم أن ظنه مطابق للواقع، وإن قالوا بالثالث، قلنا: ما تريدون بأقوى الأمارات، فإن قالوا: قول الآباء والأسلاف لزم إصابة أهل كل ملة، وإن قالوا: قيام الأدلة ففيه رجوع إلى وجوب النظر وهو المطلوب؛ لأنها حينئذٍ توصل إلى المعرفة. وهاهنا وجه آخر يعرف به الفرق بين الفروع والأصول ذكره القرشي وهو:
  أن التكليف بالظن مع إمكان العلم قبيح في باب الأصول؛