المسألة السابعة [وجوب النظر]
  وكما إذا قال السيد لعبده: اصعد السطح إذا كان السلم منصوباً فإنه لا يجب الحج إلا بالاستطاعة، والصعود إلا إذا كان السلم منصوباً؛ لما كان الموجب قد شرط ذلك في الوجوب، فأما لو لم يشرطه وجب تحصيله.
  الوجه الثاني: أن المكلف عند كمال عقله لا بد أن يخاف من ترك النظر ضررا، ولا يحصل له الأمان إلا بالمعرفة، والمعرفة لا تحصل إلا بالنظر، وما لا يتم الواجب إلا به كان واجباً كوجوبه، وهذا الدليل هو الذي يسميه المتكلمون دليل الخوف وهو معتمد المتقدمين، والأول يسمى دليل المعرفة، وذكره المتأخرون. ودليل الخوف هذا مبني على أربعة أصول كما ترى:
  الأصل الأول: أنه لا بد من الخوف عند كمال العقل، والذي يدل عليه أنه لا بد أن يكلفه الله عند كمال العقل، وإلا كان خلقه تعالى للعقل عبثاً، وإذا كلفه فلا بد أن يخاف، وإلا كان تكليفه كتكليف الساهي والنائم، وهو قبيح.
  الأصل الثاني: أَنه لا يحصل له الأمان إلا بالمعرفة؛ ودليله أنه لا يحصل الأمان، ويزول الخوف إلا إذا كان على يقين من أمره، وعارف بالصانع، وثوابه، وعقابه، فيفعل طاعته، ويتجنب معصيته.
  الأصل الثالث: أن ذلك لا يحصل إلا بالنظر؛ ودليله ما مرَّ من أنه لا طريق إلى العلم بالله إلا النظر.