مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة السابعة [وجوب النظر]

صفحة 2094 - الجزء 4

  أو المعتقد، أو فيمن يجري مجراه، والذي يجري مجراه هم أحباؤه. وقرر هذا الحد ابن متويه، وجرى عليه في الغياصة إلا أنه قيد الاعتقاد بأن يكون من غير سكون النفس، وفائدة هذا القيد واعتبار الظن الاحتراز عن الأمور المعلومة المقطوع بحصولها، فإن الإنسان القاطع بها لا يسمى خائفاً عند أهل اللغة.

  فإن قيل: كيف قلتم إن الخوف لا يكون علماً مع أنا نخاف الموت وهو مقطوع به؟

  قيل: إنا لا نخاف الموت نفسه، وإنما نخاف وقته وهو غير مقطوع بتعيينه، بل يظن في أكثر الأوقات.

  فإن قيل: فما تقولون في خوف الملائكة من العقاب مع أنهم يعلمون أنه لا ينزل بهم في المستقبل؟

  قيل: ليس خوفهم من العقاب نفسه؛ لأنهم قد علموا أنهم لا يعاقبون لعصمتهم، وإنما خوفهم خوف توقَّ، وهو أنهم يخافون مواقعة ما يفضي إلى الضرر؛ وعلى هذا أول بعضهم قوله تعالى: {يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ}⁣[النحل: ٥٠] وقيل: معناه يفعلون أفعال الخائفين. وقد ضعف في الغياصة الجواب في الموت والملائكة، وقال: إنه عذر غير محكم. وقال القرشي: الأقرب أنهم - يعني الملائكة - يخافون خوفاً حقيقياً؛ لأنهم مكلفون بمعرفة الله تعالى، وهي إنما تحصل عن النظر في حق كل مكلف، ووجه وجوب النظر هو الخوف من تركه في حق كل أحد، فلا بد أن يخافوا من ترك النظر ضرراً ليكون ذلك وجهاً، وقول أصحابنا أنهم يقطعون على أنهم لا يعذبون هو صحيح،