المسألة السابعة [وجوب النظر]
  لكن إنما يقطعون على ذلك بعد معرفة الله والخوف من ترك النظر مقدم عليها. واعترضه الإمام عز الدين بأن قوله تعالى: {يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ}[النحل: ٥٠] جاء بلفظ المضارع، وهو موضوع لإفادة الحال، وقد يؤتى بهذه العبارة لإفادة الاستمرار، وليس مما يدل على المضي، ومن المعلوم أنهم حال إخباره تعالى لنا بذلك عارفون له غير خائفين من ترك النظر في معرفته؛ وإن جعل يخافون حكاية حال ماضية ولم يحمل على ظاهره في إفادة الحال فقد قال: {يَخَافُونَ رَبَّهُمْ}، وهم قبل النظر، وحال الخوف الحاصل قبله غيرُ عارفين له، وذلك الخوف ليس خوفا له.
  واعلم: أنهم اعتبروا في الحد تعلق الظن بحصول ضرر أو فوت نفع؛ لأن تعلقه بعكس ذلك طمعٌ ورجاء؛ واعتبروا الاستقبال لأن ما قد وقع لا يخاف، وفي منعهم أن يكون الخوف علماً دليل على أنه لا يكون من فعل الله، وقد نص على ذلك القرشي، وعلله بأنه ظن. والظن لا يحسن فعله، ولا الفعل لأجله، ولا الترك إلا إذا حصل عند أمارة صحيحة ينظر فيها فاعل الظن، والظن في الأمارة مستحيل على الله لأنه عالم لذاته، واشتراط الأمارة الصحيحة في حسن فعل الظن للاحتراز عن ظن السوداوي فإنه لا يحسن؛ لأنه صادر لا عن أمارة.
الفائدة الثانية: في بيان أسباب الخوف
  اعلم: أن للخوف أسباباً لا بُدَّ للعاقل من أن يخاف عند حصول أحدها.
  قال السيد ما نكديم: حتى لو لم يخف البتة لم يكن مكلفاً