تفسير قوله تعالى: {يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون 21 الذي جعل لكم الأرض فراشا والسماء بناء وأنزل من السماء ماء فأخرج به من
  أنه إن عصى عوقب دائما؛ لأن الوعيد يعلم عقلا عنده.
  قال: ابن المعتمر كأبي الهذيل، إلا أنه يجعل العلم متولداً عن النظر، بخلاف أبي الهذيل فعنده أن النظر لا يولده. لكن الناظر يفعل العلم بعده. ومن الخلاف في وجوب الخاطر قول من قال: إن وجوب النظر لا يعلم إلا سمعاً؛ لأن السمع حينئذٍ يكون كافياً عن الخاطر.
  أجاب الأولون عن هذه الأقوال جميعها بأنه إذا عدمت الأسباب المتقدمة ولم ينبهه بالخاطر قبح بتكليفه: لأنه يصير في حكم الساهي(١)، وقبح تكليف الساهي معلوم بضرورة العقل.
  قال بعض المحققين: ولأنه إذا كان الخوف شرطاً في حسن التكليف حتى يقبح التكليف من دونه فأولى وأخرى أن يقبح تكليفه من دون الخاطر الذي هو أصل الخوف.
  قال بعض أصحابنا: ووجوبه مشروط بعدم الأسباب كلها، ولا يجب إلا على قولنا بجواز انفصال التكليف العقلي عن السمعي، فأما من لم يجوز ذلك فدعاء الرسول كافٍ.
  الجهة الثالثة: في كيفية وروده، وهو يرد على أحد وجوه:
  أحدها: أن يقول يا هذا قد ترى عظم هذه النعم، وقد تقرر في عقلك حسن الذم على القبيح فلا تأمن أن يكون لك صانع أنعم عليك بها، إن عرفته وأطعته أثابك، وإن جهلته وعصيته عاقبك، أو كلاما يقرب من هذا، وحينئذٍ لا بد من أن يخاف وإلا لم يكن عاقلاً.
(١) وإن لم يكن ساهياً عن جميع العلوم ولا ناسياً لشيء قد يعود حفظه. تمت مؤلف.