مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون 21 الذي جعل لكم الأرض فراشا والسماء بناء وأنزل من السماء ماء فأخرج به من

صفحة 2100 - الجزء 4

  قولي القاضي واختيار أكثر المتكلمين: لا يجب التنبيه على الدليل⁣(⁣١) بل إذا حصل الخاطر وخاف فهو مشاهد للعالم فيقع نظره فيه. كذا في وفي رياض الأفهام عن أبي هاشم: أنه لا يجب التنبيه على الترتيب، ولا على الدليل: لأنا نعلم ضرورة أن النظر في الطب لا يولد معرفة.

  وأجيب: بأنه قد يلتبس عليه الترتيب فيحتاج إلى التنبيه.

  الجهة الرابعة: في حكمه إذا عارضه الوسواس، وفي الفرق بينهما.

  أما المعارضة فالذي عليه أكثر أهل العدل أو كلهم أنه لا يجوز تساويهما، بل إذا تعارضا وفَّر الله تعالى دواعي العمل بما يدعو إليه الخاطر، مع أن المعلوم أن الإنسان إذا توارد عليه سبب خوف وسبب أمن، فإن استشعاره الخوف أكثر من استشعاره الأمن، كمن يكون فيه جراحة فقال طبيب: إن لم يداوها أهلكته، وقال له الآخر: لا ضرر عليك فإنه يؤثر قول من خوفه، وينظر في فعل ما قاله؛ ونظير هذه المسألة ما إذا تعارض خاطران أحدهما دعا إلى النظر، والآخر دعا إلى الترك، فإن داعي الترك لا يبطل وجوب النظر عند أبي هاشم، والقاضي، وصححه الحاكم، ولا يعد داعي الترك معارضا عندهم؛ لأن الخاطر الداعي إلى النظر بَيَّن وجه الخوف، وهو أنه إن لم يعرف ربه وثوابه، وعقابه كان إلى الانهماك في المعاصي وترك الطاعات أقرب، فيؤديه ذلك إلى العقاب الدائم، وذلك مقرر في العقول بخلاف الداعي إلى الترك فإنه لم يبين وجه خوف في النظر فكان وجوده


(١) يعني أن الدليل معلوم لا لبس فيه، فلا يحتاج إلى التنبيه عليه إلا مع اللبس. تمت مؤلف.