مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون 21 الذي جعل لكم الأرض فراشا والسماء بناء وأنزل من السماء ماء فأخرج به من

صفحة 2102 - الجزء 4

  الآدميين، وكلام الملائكة كذلك إلا ما كان في زمن الأنبياء $ كعلى جهة المعجز.

  الجهة الخامسة: ذكر صاحب المحيط أنه لا بد من أن يكون الخاطر مقارناً لأول كمال العقل، وكذلك إذا كان الخوف لأحد الأسباب، فلا بد من المقارنة إلا أن يكون قد حصل أحدها، أو الخاطر قبل كمال العقل فخاف، فيكفيه استصحاب ذلك الخوف عند كمال العقل.

  الجهة السادسة: قال بعضهم: لا بد من خاطرين أحدهما يأمر بالإقدام، والآخر خاطر ترك يأمر بالكف ليحصل الاختيار، وقال الجمهور: بل يكفي واحد يدعو إلى النظر، واختلف القائلون بوجوب الخاطرين، فمنهم من قال: كلاهما من الله تعالى، ومنهم من قال: داعي الترك من الشيطان، حجة الجمهور أن المقصود حصول الخوف من ترك النظر، وقد حصل من دون الخاطر الثاني فلا حاجة إليه، ثم إنه لا حكم لحصوله ولا يعارض ما مر⁣(⁣١) فما فائدته، ولو قدر حصوله فلا يجوز أن يكون من جهة الله تعالى؛ لأنه أمر بمعصيته، وذلك قبيح، فأما كونه من جهة نفسه ومن الشيطان فجائز غير شرط.

  الوجه الثالث: في وجوب النظر: ما ذكره القائلون بأن وجه وجوب المعرفة لأجل القيام بواجب الشكر، وقد مر تقريره في الموضع الأول، فهؤلاء قالوا: قد ثبت وجوب شكر المنعم، وتوجيه الشكر إليه مترتب على معرفته، وهي لا تحصل إلا بالنظر؛ إذ لا طريق إليها سواه


(١) عند أبي هاشم. تمت مؤلف.