مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون 21 الذي جعل لكم الأرض فراشا والسماء بناء وأنزل من السماء ماء فأخرج به من

صفحة 2103 - الجزء 4

  لبطلان التقليد والظن، وامتناع المشاهدة، وإذا كانت المعرفة لا تحصل إلا بالنظر كان واجباً لما مر من أن ما لا يتم الواجب إلا به وجب كوجوبه.

  قال في الأساس: وإلا وقع الخلل في الواجب، وقد قضى العقل بقبحه.

  الوجه الرابع: أن الأدلة السمعية المعلومة صريحة في وجوب النظر، وقد مر في أثناء هذه المواضع شيء من الأخبار، وكلام الوصي، والقرآن مشحون بذلك، ومنه هذه الآية التي نحن بصددها، وقد مرَّ وجه الاحتجاج بها في أول المسألة.

  فإن قيل: ليس المراد من الآية إلا بيان الوجه في حسن التكليف بالعبادة والوجه في استحقاقه لها وهو كونه منعماً كما مر في المسألة الرابعة.

  قيل: بل المراد منها الدلالة على وجوب النظر، وذلك أنه لما أمر بالعبادة وأوجبها، وكان الإتيان بها مترتباً على معرفة المعبود عقبها بذكر الدليل على معرفته وهو خلق المكلفين، وما ذكر بعده، والاستدلال لا يكون إلا بالنظر فيما فيها من دلالة الحدوث، واحتياجها إلى المحدث، وما لا يتم الواجب إلا به وجب كوجوبه، ويكون ما أورده السائل مقصوداً على جهة التبع؛ على أنه لا يمتنع إرادة الأمرين معاً بالأصالة.