المسألة السابعة [وجوب النظر]
  الوجه الثاني: ذكره القائلون بأن النظر يوقع في الشك والحيرة، وهو أن الناس قد اجتهدوا في النظر، وحصل بينهم مع ذلك مالا يخفى من الاختلاف، حتى أن الواحد منهم قد ينظر ويحصل له الاعتقاد الجازم، ثم يظهر له أنه كان جهلًا، ولو كان يولد العلم لاتفق الناس فيه، واستمر الاعتقاد الحاصل بسببه.
  فإن قيل: إنما اختلفوا ورجع الناظر عن اعتقاده لتقصير وقع في بعضهم في النظر، وذلك لا يوجب عدم توليده العلم من ذي النظر الصحيح.
  قيل: إذا علمنا خطأ بعضهم جاز في الآخرين مثلهم، وإذا وقع الخطأ من الناظر في الأول جاز في النظر الثاني مثله، فلا يمكن الجزم بصحة شيء من العقائد المستفادة من جهة النظر.
  الوجه الثالث: أن المطلوب إن كان مشعوراً به استحال طلبه؛ لاستحالة تحصيل الحاصل، وإن كان غير معلوم كان الذهن غافلاً عنه، والمغفول عنه يستحيل طلبه.
  الوجه الرابع: أن العلم بكون النظر مفيداً للعلم وإما أن يكون ضرورياً أو نظرياً، وكلاهما باطلان، أما الأول فلأنه لو كان كذلك لاشترك العقلاء فيه، وأما الثاني فلأنه يؤدي إلى إثبات الشيء بنفسه، وهو محال، وبيانه أن العلم بإفادة النظر العلم فرد من أفراد العلم الثابت(١) بالنظر، والماهية التي نريد إثباتها بذلك الفرد موجودة في ذلك
(١) لأنه نظري. تمت مؤلف.