مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون 21 الذي جعل لكم الأرض فراشا والسماء بناء وأنزل من السماء ماء فأخرج به من

صفحة 2109 - الجزء 4

  صحيحاً، ولا يولد العلم إلا النظر الصحيح، أو لتمكنه من استحضار المقدمات قبل الآخر فيحصل له العلم قبله؛ لأن القلب خلق آلة لذلك، والآلات تختلف في سرعة الفعل.

  فإن قيل: لوكان النظر سبباً في حصول العلم لصحة، مقارنته له؛ لأن الأسباب تصح مقارنتها للمسببات، وتؤثر في وقوعها فقط لا في وقوعها على وجه، وليس هذا حال النظر.

  قيل: أما عدم صحة المقارنة؛ فلأن شرط النظر التجويز، وهو لا يقارن العلم، وأما تأثيره في وقوع مسببه على وجه فهو شيء اختص به النظر، دون سائر الأسباب؛ لقيام الدليل.

  الوجه الثاني: وفيه مسلكان:

  جملي، وتفصيلي. فالجملي هو أن الشبه التي ذكروها إما أن تكون ضرورية، أو نظرية.

  الأول: معلوم البطلان، والمدعي له مكابر.

  والثاني: يبطل مذهبهم؛ لما فيه من المناقضة؛ لأن علمهم بأن النظر لا يولد العلم متولدُ عن النظر. وأما التفصيلي فنقول:

  الجواب عن الوجه الأول: باختيار كون علمنا بذلك ضرورياً كما ذهب إليه أبو عبد الله، فإنه يذهب إلى أن علمنا بسكون النفس الذي هو الطريق إلى معرفة كون الاعتقاد علماً عند الجمهور ضروري، سواء كان الاعتقاد المقتضي له ضرورياً، أم استدلالياً، وقواه القرشي؛