مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون 21 الذي جعل لكم الأرض فراشا والسماء بناء وأنزل من السماء ماء فأخرج به من

صفحة 2111 - الجزء 4

  الذي يحصل به العلم بالمدلول والعلم بسكون النفس واحد، وكذلك النظر واحد، ولا يلزم التسلسل إلا لو اختلف الدليل بأن يكون دليل سكون النفس غير دليل حصول العلم؛ لأنه حينئذٍ يحتاج علمنا بكون ذلك السكون علماً إلى دليل، وهلمَّ جرا، كما ذكره الخصم، وكذلك لو احتاج⁣(⁣١) علمنا بسكون النفس إلى نظر آخر، فلما لم يكن شيء من ذلك انتفى التسلسل. وقد اعترض دليل الجمهور بأن كون سكون النفس مقتضى عن علم استدلالي لا يمنع كونه معلوماً بالوجدان، فإن أرادوا بكونه استدلالياً أن النظر الأول يولده، وأنه يحصل بنظر مستأنف - فمحل النزاع.

  وأجيب: عن قولهم: لو كان ضرورياً لم يصح زوال العلم ... إلخ، بالتزام صحة زواله، لكن إذا زال لزم منه زوال ما هو مقتضى عنه، وهو سكون النفس، وإذا زال سكون النفس زال العلم الضروري المتعلق بسكون النفس؛ لأن الله تعالى لا يجدد فينا اعتقاداً ضرورياً يتعلق بشيء لا على ما هو به. واعترض جوابهم عن لزوم التسلسل بأنه يلزم عليه أن يكون النظر مولداً لعلمين مختلفين، العلم بالمدلول، والعلم بسكون النفس إليه، وقد سبرنا الأنظار، واختبرناها فلم نجد أنفسنا طالبة للعلم بسكون النفس حال النظر. نعم، وبقي لنا وجه ثالث في الجواب، وهو أنا نعرف كون ذلك الاعتقاد علماً


(١) وإنما اتفقت الحاجة إلى نظر آخر لأنه إذا اتحد دليل حصول العلم بالمدلول، والعلم بسكون النفس انتفى التجويز الذي هو شرط في وجوب النظر، وإذا انتفى التجويز كان النظر واحداً وهو الأول. تمت مؤلف.