تفسير قوله تعالى: {يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون 21 الذي جعل لكم الأرض فراشا والسماء بناء وأنزل من السماء ماء فأخرج به من
  فإما أن يتحد مقدورهما أو يتغاير، الأول باطل لاستحالة مقدور بين قادرين فتعين الثاني، وفيه صحة التمانع.
  فإن قيل: دليل التمانع مبني على صحة اختلافهما في الإرادة وهمالا يختلفان فيها؛ لأنها موجودة لا في محل، فلا تختص بأحدهما دون الآخر، فكما توجب لأحدهما توجب للآخر، فيلزم اتحاد المراد، فما أراده أحدهما أراده الآخر.
  قيل: أما من لا يجعل إرادة الباري تعالى عرضاً لا في محل، بل يجعلها نفس المراد - فلا يرد عليه هذا السؤال؛ لأن الاختلاف في الإرادة لا يمتنع لعدم وجود علة الامتناع، وهي ما ذكره الخصم من أنها موجودة لا في محل فلا تختص بأحدهما.
  وأما القائلون بأن إرادته تعالى عرض لا في محل فقد أجابوا بوجوه:
  أحدها: أن ذلك مما يؤكد إلزامنا؛ لأن إرادة كل منهما إذا كانت إرادة للآخر، وقدرنا أن أحدهما أوجد إرادة تسكين جسم، والآخر أوجد إرادة تحريكه لزم أن يكون كل منهما مريداً لتسكين الجسم وتحريكه، فيكون متحركاً ساكناً، أو لا أيهما وهو محال. وهذا ذكره الإمام المهدي.
  الثاني: أن من حق كل حيين صحة اختلافهما في الإرادة، سواء كانا مريدين بإرادة لا في محل أم لا، وإلا لم ينفصل الحي الواحد من الاثنين.