مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون 21 الذي جعل لكم الأرض فراشا والسماء بناء وأنزل من السماء ماء فأخرج به من

صفحة 2187 - الجزء 4

  قال السيد مانكديم: وفي إثبات الثاني فساد هذا الأصل فيجب فساده، وليس هذا انتقالاً، بل استعانة ببعض ما يذكر في دليل آخر كما مر.

  قال السيد: على أنا لم نبنِ صحة وقوع التمانع بينهما على اختلافهما في الإرادة، وإنما بنينا على صحة اختلافهما في الدواعي، وما من قادرين إلا ويصح اختلافهما في الدواعي، ألا ترى أن النائم ينقد يتجاذبان كساءً مع فقد الإرادة؛ وبعد، فإن التمانع ليس بأكثر من أن يفعل أحدهما ضد ما يفعله الآخر، وهذا يصح في مجرد الفعل، ومجرد الفعل لا يحتاج إلى القصد والإرادة، وإلا لما وقع من الساهي والنائم.

  قلت: وهذا إنما يستقيم على القول بأنه لا داعي لهما، وقد مرَّ في الاستعاذة.

  الوجه الثالث: ذكره القرشي وهو: أنا لا نسلم أن إرادتهما معنى واحد؛ لأن هذا المعنى لا يصح أن يكون فعلاً لهما جميعاً؛ لاستحالة مقدور بين قادرين، ولجواز أن يريد أحدهما فعله⁣(⁣١) ولا يريده الآخر، فيعود الإلزام من أصله، وإذا كان من فعل أحدهما استحال أن يؤثر في فعل الآخر؛ ولهذا لو خلق الله فينا إرادة الأكل مع توفر الصوارف عنه كأن يكون مسموماً لما أكلناه، أو خلق فينا إرادة تركه مع توفر الدواعي إليه لما تركناه.


(١) أي المعنى، تمت مؤلف.