مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون 21 الذي جعل لكم الأرض فراشا والسماء بناء وأنزل من السماء ماء فأخرج به من

صفحة 2188 - الجزء 4

  قال: ومن هنا قال أصحابنا: إن الإرادة لو خلقت فينا لما أثرت فيكون كلامنا أمراً أو خبراً.

  قلت: وحاصله أن إرادة المريد لا تؤثر في فعل غيره.

  واعلم: أن في كلام بعض أئمة آل محمد $ ما يدل على أن التمانع، والاختلاف لازم للتعدد، وأنه لو كان لله تعالى شريك لم يكن شيء من بديع عجائب الصنع.

  قال زين العابدين #: لو كان له ضد لانتقض التدبير، ولم يتم له تقديره وقال القاسم # في الرد على الملحد بعد أن ذكر أن اختلاف إرادتهما لا يمتنع فقال الملحد: ما أنكرت أن يتفقا ويصطلحا.

  قال القاسم #: إن الاتفاق، والاصطلاح يدلان على حدث من تعمدهما؛ لأنهما لا يتفقان إلا عن ضرورة، والمضطر محدث لا محالة، فكلامه # مشعر بأن الاتفاق لا يكون إلا عن ضرورة، وإنّه لولاها لوقع الاختلاف، وهو معنى القول بأن التمانع والاختلاف لازم للتعدد، وهذا هو الذي يدل عليه قوله تعالى: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا}⁣[الأنبياء: ٢٢] وقوله: {إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ}⁣[المؤمنون: ٩١].

  قال السيد محمد بن عز الدين المفتي: لو فرض صانعان لكان بينهما تمانع في الأفعال، فلم يوجد مصنوع أصلاً، وظاهر القرآن يدل على أن ذلك لازم من التعدد، واحتمال توافقهما دائماً الذي يجوزه العقل لا نظر إليه؛ لأنه مما تحيله العادة التي هي مناط الأدلة القرآنية،