مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون 21 الذي جعل لكم الأرض فراشا والسماء بناء وأنزل من السماء ماء فأخرج به من

صفحة 2193 - الجزء 4

  حتى إذا وجد ذلك البعض دل على غيره لكونه ليس بمقدور له، وإنما يرد على أبي إسحق بن عياش لأنه يقول: لا يجب كون مقدورهما واحداً لامتناع مقدور بين قادرين⁣(⁣١)، لكنه يقول: إنه قد أمكن إضافة المحدثات إلى خالق واحد، فلا يكون إلى إثبات الثاني طريق، وفيه نظر؛ لأن إمكان إضافتها إلى واحد لا ينافي ثبوت الثاني. وقد اعترض هذا الدليل الإمام يحيى بأنه إذا أريد بعدم الانفصال أنه ليس عند العاقل دليل يميز به أحد الإلهين فمسلم، لكنه لا يلزم من عدم المميز عدمه في نفس الأمر، اللهم إلا أن يقولوا؛ لا طريق إليه، فهي طريقة أخرى، وإن أريد أنه لا يمكن أن يختص أحد الإلهين في نفسه بأمر يميزه فهذه دعوى لا بد من تصحيحها.

  قال الإمام عز الدين: يمكن أنهم أرادوا الثاني⁣(⁣٢)؛ لأنهما اشتركا في القدم وهو صفة ذاتية، والاشتراك فيها يوجب الاشتراك في جنس الذات، ويلزم منه الاشتراك في جميع الصفات الذاتية، فلا يعقل افتراقهما في أمر يتميز به أحدهما عن الآخر؛ لكن الإمام يحيى # قد أبطل هذه القاعدة كما عرفت، ولم يصحح من أدلة أصحابنا على نفي الثاني من الأدلة العقلية إلا دليل التمانع، وأما سائر الأدلة فنقضها. هذا وأما الأدلة السمعية فأكثر من أن تحصر كتاباً، وسنة، كآيات التهليل وغيرها، ومنها هذه الآية فإن النهي عن جعل الأنداد لله تعالى، إنما هو لانتفاء المثل والند لله تعالى، وأن المجعولة لا يصح


(١) سواء كانت القادرية واجبة أو جائزة. تمت مؤلف.

(٢) أي القسم الثاني وهو قوله وإن أريد أنه لا يمكن أن يختص ... إلخ. تمت مؤلف.