مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون 21 الذي جعل لكم الأرض فراشا والسماء بناء وأنزل من السماء ماء فأخرج به من

صفحة 2194 - الجزء 4

  فيها ذلك، ولا تستحق اسم الإلهية، ولا معناها بوجه من الوجوه؛ لأنها لو كانت آلهة لشاركته في جميع الصفات كما مر، وبالجملة فنفي إلهٍ ثانٍ على أي صفة كان معلوم من ضرورة الدين، وإجماع المسلمين. والاستدلال بالسمع في هذه المسألة صحيح؛ لأنه لا يتوقف صحة السمع على نفي الثاني، وقد قيل: إن الاستدلال عليها بالسمع صحيح اتفاقاً، وقال الإمام يحيى: والمعتمد في نفي قديم ثان دلالة السمع.

  هذا وأما الكلام على إبطال القسم الثاني وهو قول عباد الأوثان فلنا في إبطاله مع ما يؤخذ مما تقدم وجوه:

  أحدها: أن هذه الأوثان لو كانت آلهة للزم أن تشاركه في جميع صفات الإلهية؛ لأن حقيقة الإله هو: من تحق له العبادة، وحقيقة العبادة هي: النهاية في التذلل والخضوع للمعبود، ولا يستحقها إلا المنعم بأصول النعم، وقد تقدم بيانهاً، ولا يكون منعماً بها إلا من كان قادراً على جميع أجناس المقدورات، عالماً بجميع المعلومات، حياً قديماً، فثبت أنها لو كانت آلهة لشاركته في جميع صفات الإلهية التي من جملتها القدم، والقدرة على كل مقدور، والعلم بكل معلوم، والمدَّعون لإلهية الأوثان معترفون بحدوثها، فبطل أن تكون آلهة.

  فإن قيل: لا نسلم أن الإله من تحق له العبادة، بل هو من يفزع إليه العباد، ويلجؤون إليه، أو من يتحيرون في معرفة كنه ذاته على ما مرَّ في البسملة.