مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون 21 الذي جعل لكم الأرض فراشا والسماء بناء وأنزل من السماء ماء فأخرج به من

صفحة 2200 - الجزء 4

  ولأن الحوادث كلها لا تحصل إلا بعد اجتماعهما فيؤدي إلى التوقف.

  وأما الكلام على الديصانية فهو داخل في جملة ما أبطلنا به قدم النور والظلمة وإيجابهما، ونخصهم هنا بوجه واحد، وهو أن الظلمة إذا كانت فاعلة للشر فلا بد أن تكون قادرة حية، فكيف يصح أن تكون مواتاً، ثم إنهما عندكم قديمان، فيجب أن يشتركا في سائر الصفات، وأما ما يخص المرقيونية فقد تقدم إبطاله قريباً، حيث أبطلنا القول بالامتزاج، ونزيده تأييداً وتوضيحاً بأن نقول: هذا الثالث إن كان قديماً لزم أن يكون مماثلاً للنور والظلمة في جميع الصفات الذاتية، فإن كان أحدهما قادراً وجب أن يكون الآخر قادراً، وهذا الثالث قادراً، وهذا يؤذن بوقوع الاستغناء به عنهما، وإن كان محدثاً فقد أبطلناه. وسائر أقوال الثنوية التي حكيناها فدليل إبطالها داخل فيما تقدم من الأدلة العامة، وكذلك فيما تقدم من الأدلة الخاصة في مواضع الاتفاق بينهم. وأما قول المجوس فنرجي الكلام عليه فيما يخصه إلى الموضع اللائق به.

  الموضع الثالث: في شبه الخصوم قد ذكرنا فيما تقدمَ أن الله تعالى قد ذكر منهم طوائف في القرآن العظيم، وإنا نؤخر الكلام على بيان مذاهبهم، وإبطالها إلى تلك المواضع، وكذلك نقول في تأخير الشبه التي تعلقوا بها، وإبطالها، إلا من عدا المجوس من الثنوية فإنا نذكر لهم شبهتين:

  الشبهة الأولى: أن الملاذ كلها حسنة، والآلام كلها قبيحة، وما كان حسناً فهو خير، وما كان قبيحاً فهو شر، وإن الخير والشر ضدان