تفسير قوله تعالى: {يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون 21 الذي جعل لكم الأرض فراشا والسماء بناء وأنزل من السماء ماء فأخرج به من
  حتى حدث قوم من المستضعفين تمسكوا بظواهر القرآن في إثبات القدرة والعلم، حتى وردت عليهم شبه الثنوية والملحدة، وكثير من أعداء الدين، فقالوا: نقول ما قال الله ورسوله، ولا نتجاوز ذلك، فقيل: إن في القرآن إثبات اليد، والعين، والعلم، والقدرة، فالتزموا ذلك، وأبوا أن يفسروه ويصفوه بشيء من الصفات التي تقتضي لله شريكا في بعض صفاته، وقالوا: إن كل ذلك صفات لله، والصفات لا توصف.
  قالوا: ومن وصفها فقد كفر، فلم يزل ذلك حتى نشأ ابن كلاب بعدهم فأثبت هذه الصفات، فلما سئل عن صفاتها.
  قال: مأخوذة ثابتة أزلية، وليست بقديمة، وكفّر من قال: بقدمها، ورأى أن في وصفها بالقدم خروجاً عن الدين، وعدل إلى وصفها بأنها أزلية؛ بعداً عن اللفظ المستشنع من القول بقديم ثانٍ ليس هو الله، ولم يزل ذلك حتى نشأ ابن أبي بشر الأشعري فنظر في قوله فوجده في نهاية التناقض، وعلم أنه لا فرق بين القديم، والأزلي، ووجد الناس قد أنسوا بقول ابن كلاب فقال: إن صفاته تعالى قديمة، لكن ليست بأغيار له.
  قال: ومن قال: إنها غيره فقد كفر، ولم يزل كذلك حتى حدثت الكرامية، فزعمت أن تلك الصفات إذا لم تكن هي الموصوف، ولا جملة له، ولا بعض، وتفرد بالذكر كما يفرد الموصوف بالذكر فقد حصل حقيقة التغاير، فارتكبوا القول بأنها قديمة أغيار لله تعالى، وزعموا أن الكافر إنما هو من أثبت غير الله إلهاً.