مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون 21 الذي جعل لكم الأرض فراشا والسماء بناء وأنزل من السماء ماء فأخرج به من

صفحة 2207 - الجزء 4

  قال الشيخ أبو القاسم البستي: فحدثت هذه المذاهب على هذا التدريج، وكل منهم يكفر القائل بخلاف قوله، ويطلب موضعاً للكفر يصرف إليه ما أجمعوا عليه من أن من أثبت قديماً سوى الله تعالى كمن أثبت إلهاً سوى الله تعالى، فإذا كان كذلك، وعرفت أن الإجماع قد انعقد بتكفير من هذا وصفه، ثم حصل الاتفاق من بعضهم⁣(⁣١) على ما بيناه، وتكفير بعضهم لبعض، وابتداع الأقوال علمنا أنهم كفار بهذه المقالة.

  قال: وهذه الطريقة من أقوى ما يتعلق به في تكفير هؤلاء هو اعترض هذا الوجه بأنه لا يفيد القطع بكفرهم؛ لأنه يتوقف على تواتر الإجماع على كفر من أثبت مع الله قديماً، مستقلاً كان أم غير مستقل، وسواء قالوا: إنه مستحق للإلهية أم لا، فأما مع عدم العلم بأنهم قصدوا هذا فلا يكون الإجماع حجة بالاتفاق.

  قال القرشي: ولعلهم إنما أجمعوا على كفر من أثبت مع الله إلهاً آخر، والمجبرة وإن لزمهم أن تكون هذه المعاني أمثالاً لله فالكفر لا يثبت بالإلزام.

  وقال الإمام المهدي #: الظاهر أن المتواتر إنما هو منع القديم المستقل، دون ما كان على جهة الصفة؛ ألا ترى أن أصحابنا يصفون الأحوال بكونها أزلية ولا يتحاشون عن ذلك، ولا فرق بين المعاني وبينها، في كونها غير مستقلة، بل استقلالها مستحيل.


(١) يعني ابن كلاب، والأشعري، والكرامية. تمت مؤلف.