تفسير قوله تعالى: {يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون 21 الذي جعل لكم الأرض فراشا والسماء بناء وأنزل من السماء ماء فأخرج به من
  بواسطة العلم بما في هذا الشاهد، مع القطع بالفارق المميزه وبما ذكرنا وحققنا به معنى القول بأن صفات الله تعالى هي هو نعلم أنه لا وجه للإلزام الذي ذكره القرشي؛ ولو أجال نظره في كتب سادته وأئمته لما تجاسر على هذا القول. والله المستعان.
  الوجه الثاني: مما كفَّر به أصحابنا المجبرة لأجل قولهم بإثبات المعاني القديمة؛ أنه قد ثبت أن القادر بالقدرة لا يقدر على فعل الأجسام والألوان، وكثير من الأجناس، والعالم بالعلم لا يعلم جميع المعلومات، والقول بالمعاني يقتضي الجهل بكونه تعالى قادراً على أجناس المقدورات، عالماً بجميع أجناس المعلومات، والجهل بالله تعالى كفر. واعترض بأن الجهل بصفات الله تعالى إنما يكون كفراً مع إنكارها، وأما مع الاعتراف بثبوتها فلا؛ لأنه لا دليل على كفر من أثبت صفات الله وجهل بعض أحوالها، وإلا للزم إكفار كثير من شيوخ المعتزلة، فإنه ما من أحد منهم إلا وقد قال في صفات الله تعالى بمقالة هي جهل لشدة الاختلاف بينهم، والحق فيها مع واحد.
  وأجيب: بأن جهل المجبرة جهل لا يتمكنون معه من العلم بصفات الله تعالى على الكمال؛ لأنهم أثبتوا معنى قديماً، وإثباته يمنع من العلم بالصفات على الوجه الذي يجب أن تعلم عليه، بل يمنع العلم بها أصلاً، فإن من اعتقدها معاني قديمة فقد اعتقدها على خلاف ماهي به، وذلك جهل، والجاهل بالشيء لا يوصف بأنه عالمٌ به، لا جملة ولا تفصيلاً، ولا ينفعهم اعترافهم بثبوت صفات غير ثابتة،