مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين 23 فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار الت

صفحة 2243 - الجزء 4

  المعجز أم لا، فيكون مغايراً للقول الذي قبله، ولا يخرج عن المعجز إلا ما تقدم النبوة، وقد صرح بذلك في شرح شفاء القاضي عياض، فإنه نصَّ فيه على أن شق صدره ÷ وتسليم الحجر عليه قبل البعثة ونحوه آية وليست بمعجزة، ثم قال: وأما قول السهيلي في بعض الخوارق: إنها علامة للنبوة لا معجزة بناء على عدم اقترانها بالتحدي المشروط عنده - فرده ابن الهمام بأن أمره مبني على دعوى النبوة فيكل زمان.

  قلت: لعل السهيلي يشترط التصريح بالتحدي وطلب المعارضة، ومجرد دعوى الرسالة ليس بتحدٍ عنده فلا يرد عليه هذا.

  نعم، وأما أصحابنا فالظاهر أنهم لا يشترطون هذا الشرط، فإنهم لم يذكروه فيما حدَّوا به المعجز من الحدود، ولا فيما شرطوا فيه من الشروط، بل حدودهم تقضي بعدم اشتراطه، وممن صرح بذلك الإمام القاسم بن محمد في الأساس، فإنه جعل المعرف بالنبوة معجزاً وإن لم يدعه النبي، كخبر الثعلب، ففي تسميته معجزا تصريح بعدم اعتبار التحدي، وإلا لما كان كلام الثعلب حجة على الرجل السامع: والحامل للأشاعرة على اشتراط هذا الشرط هو أنهم يجوزون ظهور الخوارق على يد الساحر ونحوه، فألزمهم أصحابنا بعدم التمييز بين النبي والساحر فأجابوا بهذا، وقد صرح به النووي في شرح مسلم، فقال:

  إن قيل: إذا جوزت الأشعرية خرق العادة على يد الساحر فبماذا يتميز عن النبي؟