مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين 23 فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار الت

صفحة 2245 - الجزء 4

  وقال أبو القاسم البلخي: بل يجوز تقدمه، ويحكم عليه بأنه معجز، ويكون إرهاصاً، أي توطئة وتمهيداً لدعوى النبوة.

  قال الإمام عز الدين: وهو يوافق على أنه لا يكفي، بل لا بد من معجز عقيب الدعوى، ومَثّله بقصة الغمامة التي كانت تظل النبي ÷ في بعض أسفاره من حر الهاجرة، وتدور معه حيث دار، وبقصة الفيل فإنها وقعت عام مولده ÷.

  قال الإمام عز الدين: أما قصة الفيل فإنما هي من كرامات البيت وآياته، ولا تعلق لها بالنبي ÷. وقال الإمام القاسم بن محمد #: يجوز تقدمه إن كان معرفاً بالنبوة، كما في قول عيسى # {وَجَعَلَنِي نَبِيًّا ٣٠}⁣[مريم] وهو في المهد، فإنه معجز شاهد بصدق نبوته التي ستحصل له بعد تكليفه، وهو ظاهر كلام السيد مانكديم.

  احتج الأولون بوجوه:

  أحدها: أن التصديق قبل الدعوة لا يعقل؛ إذ لا معنى للمعجز إلا تصديق دعوى المدعي للنبوة، والمتقدم لا يكون تصديقاً؛ لأنه لا دعوى ولا نبوة فتصدقهما.

  فإن قيل: بل يكون تصديقاً لما سيأتي من الدعوى.

  قيل: لا فائدة في تقديمه قبل الحاجة إليه، فيكون عبثاً.

  الوجه الثاني: أن المتقدم على الدعوى لا تعلق له بدعوى النبوة، فهو معه ومع غيره على سواء، فلا يكون بالدلالة على صدقه أولى منه