تفسير قوله تعالى: {وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين 23 فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار الت
  قيل: الناظر في صحة المعجز لا بد أن ينتهي إلى وجه يعلم به المعجز ويميزه عن غيره، فإن لم يهتد إليه نظره وجب على الله تعالى الخاطر المنبه على ذلك. كما في سائر أدلة أصول الدين، فإن ضل بعد ذلك كان قد أتي من جهة نفسه؛ كما مرَّ في مسألة الناظر. وتمكينهم من ذلك قد يكون زيادة في التكليف، ولا قبح فيها. والله أعلم.
  وأما قولهم: إن الله تعالى أجرى عادته بخلق العلم بالصدق عقيب ظهور المعجز - فقد مر جوابه في المسألة السادسة من المقدمة، وقوله في النبي إذا نتق الجبل: إن العادة قاضية بامتناع ذلك من الكاذب - دعوى لا دليل عليها، بل العقل الذي حكم بامتناع وقوعه القبح تصديق الكاذب، والله لا يفعل القبيح. وقولهم في المثال: إنا نعلم بالضرورة العادية أن فعل الملك تصديق لمدعي الرسالة - معلوم البطلان، بل نعلمه بالدلالة العقلية، وهي أنه لو لم يقصد بذلك الفعل تصديق المدعي لكان فعله عبثاً وجهلاً وسفهاً، وهذا واضح. وأما قول بعضهم إن خلق المعجز على يد الكاذب غير مقدور. فمبني على أن الله تعالى لا يقدر على فعل القبيح، وقد مر الخلاف في المسألة، وجوابات أصحابنا على القائل بذلك في المسألة الثامنة مما يتعلق بقوله تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ}. وأما قوله: إنه يمتنع تخلف ما بعدها دلالة المعجز على الصدق، فقد مرَّ جوابه في المسألة السابعة من مسائل الحمد لله.
  الموضع الرابع: في أن القرآن معجزة لنبينا محمد ÷، ولا خلاف بين المسلمين في كونه معجزاً؛ والذي يدل على ذلك أنه قد ادعى النبوة