تفسير قوله تعالى: {وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين 23 فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار الت
  اعتراضات أكثرها في التشكيك في وقوع التواتر، وفي إفادة العلم، ولم نذكرها في هذا الموضع؛ لأنها غير قادحة؛ فإن كل أحد يعلم من نفسه ضرورة أنه لا يشك في واحد من هذه الأصول؛ ولأن إيرادها يستدعي الكلام على ماهية التواتر وشرائطه. وأدلة إفادته العلم، وما يتعلق به من الخلاف، وفي ذلك تطويل للمسألة لغير موجب، ولأن التواتر وما يتعلق به مسألة مستقلة؛ إذ لا يختص بالاستدلال به هذا الموضع، بل يستدل به في مسائل، وسنذكر له إن شاء الله في الموضع اللائق به بحثاً مستقلاً نستوفي فيه أقسامه وأحكامه. ومن الاعتراضات على هذه الأصول: أن قولكم: إن محمداً رسول الله ÷ هو الذي أتى بالقرآن ولم يأت به غيره - غير مسلم؛ لأن المنقول تواتراً إنما هو جملة القرآن لا آحاده، ومن الجائز أنه طالع كتب من تقدم وأشعارهم وخطبهم فانتقي أجودها، وضم بعضه إلى بعض، فيكون هو المؤلف للمجموع، وإن كانت مفردات الآيات أو بعضها عم نتقدم؛ ويؤيده أنه كان إذا أعجبه كلام أدخله في القرآن كما أدخل قول كاتب الوحي فتبارك الله أحسن الخالقين، وقال له: اكتب فهكذا نزلت، فارتد ذلك الرجل؛ ويدل على ذلك أيضاً أنه لم ينزل عليه القرآن جملة، وأن بعض مفرداته قد وجدت في شعر من تقدمه، كما روي في شعر امرئ القيس:
  وقدور راسيات وجفان كالجوابي
  وفي شعر أسعد الكامل:
  ملكتهم بلقيس تسعين عاماً ... بأولي قوة وبأس شديد