تفسير قوله تعالى: {وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين 23 فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار الت
  والجواب: أن النبي ÷ قد تحدى به العرب، ولو كان جمعه له كما ذكرتم لما تحداهم؛ لأنه يعلم قطعاً أن غيره يقدر على مثل فعله؛ لذكائهم، وفصاحتهم، ومعرفتهم بكلام من تقدمهم، بحيث لا يقدر العجز منهم عن مثل ذلك التأليف، والعاقل لا يتحدى غيره بما يعلم قدرته عليه، وما فيه نقضه ومعاكسة غرضه. وأما وجود مثل مفردات بعض كلماته فلا يقدح؛ لأن الإعجاز بما فيه من الفصاحة، وحسن النظم، والتركيب، وضم الآيات بعضها إلى بعض، ولذا قيل: إن المعجز منه لا يكون أقل من ثلاث آيات، ومن الاعتراضات على أنه أتى بالقرآن وأنه لم يأتِ به غيره، أن من الجائز أن يكون الله تعالى بعث نبياً وأظهر القرآن عليه، فقتله محمد ÷ وادعى النبوة لنفسه، وادعى القرآن معجزة له.
  والجواب من وجوه:
  أحدها: أنه لو جاز ذلك لما وثقنا بنبوة نبي، ولا شعر شاعر، ولا خطبة خطيب لتجويز مثل ذلك، والمعلوم خلافه.
  الثاني: أنه لا يجوز من الله تعالى أن يمكن أحداً من قتل نبي قبل التبليغ؛ لأنه يجب على الله بقاء النبي، وحفظه من كل آفة حتى يبلغ، ويصدقه بالمعجز، وإلا عاد على غرضه بالنقض؛ وهذا متفق عليه بين أصحابنا.
  فإن قيل: نفرض أنه قد بلغ وأظهر المعجز.
  قيل: لا يجوز من طريق العادة أن لا يعلم بذلك الرسول