تفسير قوله تعالى: {وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين 23 فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار الت
  أمره من المنافع العائدة عليه، ودفع المضار المتعلقة بهم. في منافعهم سلامتهم من الانقياد له، وبقاء رئاستهم، وعبادة آلهتهم، وما اعتادوه من عوائدهم، ومن المضار المدفوعة عنهم: فوت الرئاسة، وتسفيه أحلامهم، ودخولهم تحت أمره ونهيه، وكسر آلهتهم وذمها إلى غير ذلك.
  الاعتراض السادس: أن خبر التحدي لم ينقل أنه بلغ إلى كل واحد من العالمين؛ فإنا نعلم ضرورة أن أهل الهند والصين، وسائر الأطراف الشاسعة لم يعلموا وجود محمد ÷ في زمانه، فضلاً عن نبوته وتحديه بالقرآن، ومن الجائز أن يكون في من لم يبلغه ذلك من يقدر على المعارضة، وإذا كان الأمر كذلك لم يكن عجز من بلغه التحدي دليلا على أن القرآن معجز، وإلا لكان الحاذق في حرفته إذا تحدى أهل قريته بحرفته فعجزوا عنها كان نبياً، وذلك ظاهر الفساد.
  والجواب: أن فصحاء العرب إذا عجزوا عن المعارضة فعجز غيرهم بالأولى، وتقدير وجود فصيح لم يبلغه التحدي لا يضر؛ لأن فصاحته إن لم تبلغ فصاحة القرآن كان مثل الحاضرين، وإن بلغت ذلك فحكمه حكم من قدرنا قدرته على مثل القرآن من الجن والملائكة، وسيأتي الكلام عليه.
  الاعتراض السابع: أن من الجائز أن قريشاً تركت المعارضة محاولة منهم لطلب الملك والرئاسة بسبب ذلك المدعي للنبوة؛ لأنه منهم، وإظهارهم لمعاندته وقتاله إنما هو من السياسة بأن يظهروا عداوة محمد ÷ ثم أظهروا العجز عن معارضته، ليتم غرضهم.